المسألة الثالثة: في أقسام هذا المجاز، والذي يحضرنا منه اثنا عشر وجها:
أحدهما: إطلاق اسم السبب على المسبب، والأسباب أربعة: القابل والصورة والفاعل والغاية.
مثال تسمية الشيء باسم قابلة قولهم: سال الوادى.
ومثال التسمية باسم الصورة: تسميتهم اليد بالقدرة.
ومثال التسمية باسم الفاعل حقيقة أو ظنا: تسمية المطر بالسماء.
ومثال التسمية باسم الغاية: تسمية العنب بالخمر، والعقد بالنكاح.
وثانيهما: إطلاق اسم المسبب على السبب: كتسمية المرض الشديد والمذلة العظيمة بالموت، ويحتمل أن يكون وجه المجاز هاهنا ما بين الأمرين من المشابهة، ثم هاهنا بحثان:
البحث الأول: أن العلة الغائية حال كونها ذهنية- علة العلل، وحال كونها خارجية- معلولة العلل، فقد حصلت لها علاقتا العلية والمعلولية؛ وكل واحدة منهما علة لحسن التجوز إلا أن نقل اسم السبب إلى المسبب، أحسن من العكس؛ لأن السبب المعين يقتضى المسبب المعين لذاته.
وأما المسبب المعين فإنه لا يقتضى لذاته السبب المعين على ما بينا الفرق بينهما في الكتب العقلية.
وإذا كان كذلك كان إطلاق اسم السبب على المسبب أولى من العكس.
الثاني هو: أن العلة الغائية لما اجتمع فيها الوجهان: السببية، والمسببية، كان استعمال اللفظ المجازى فيها أولى من سائر المواضع؛ لاجتماع الوجهين.