للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة

قال الرازي: إذا استدل أهل العصر بدليلٍ، أو ذكروا تأويلا، ثم استدل أهل العصر الثاني بدليل آخر، أو ذكروا تأويلا آخر، فقد اتفقوا على أنه لا يجوز إبطال التأويل القديم؛ لأنه لو كان ذلك باطلا، وكانوا ذاهلين عن التأويل الجديد الذي هو الحق، لكانوا مطبقين على الخطأ؛ وهو غير جائزٍ.

وأما التأويل الجديد: فإن لزم من ثبوته القدح في التأويل القديم، لم يصح، كما إذا اتفقوا على تفسير اللفظ المشترك بأحد معنييه، ثم جاء من بعدهم، وفسره بمعناه الثاني، لم يجز ذلك؛ لأنا قد دللنا على أن اللفظ الواحد لا يجوز استعماله لإفادة معنييه جميعًا، فصحة هذا التأويل الجديد تقتضي فساد القديم؛ وأنه غير جائزٍ.

أو يقال: إنه تعالى تكلم بتلك اللفظة مرتين؛ وهو باطل؛ لانعقاد الإجماع على ضده.

وأما إذا لم يلزم من صحة التأويل الجديد فساد التأويل القديم، جاز ذلك، والدليل عليه: أن الناس يستخرجون في كل عصرٍ أدلةً، وتأويلاتٍ جديدة، ولم ينكر عليهم أحد، فكان ذلك إجماعًا.

وللمانع أن يحتج بأمورٍ:

أولها: أن الدليل الجديد مغاير لسبيل المؤمنين؛ فوجب أن يكون محظورًا؛ لقوله تعالى:} ويتبع غير سبيل المؤمنين {[النساء:١١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>