فهذا الثاني هو: الظن، فان كان مطابقا للمظنون كان ظنا صادقا، وإلا، كان ظنا كاذبا.
وأما الأول، وهو: اعتقاد رجحان الوقوع، فإن كان مطابقا للمعتقد، كان علما أو تقليدا على التفصيل المتقدم، وإلا، كان جهلا، والله أعلم.
قال القرافي: تقريره: يتحرر بالإيراد عليه فتحصل الفائدتان، وموجب هذا البحث أنه لما حدد أصول الفقه، وقع في الحد ذِكُرُ هذه الحقائق احتاج لتعيرفها لئلا يكون قد عرفه بالمجهولات، وهو غير جائز، ولما صرح بلفظ التحديد تعين أن يرد عليه ما يرد على الحدود، ولو لم يصرح بالتحديد لأمكن أن يقال: إنه قصد بهذه التقاسيم الكليات لا الحدود، ولا شك أنَّ الكليات لا يشترط انعكاسها، فمن قال كل إنسان حيوان، كان كلامه صادقا، وإن كذب عكسه كل حيوان إنسان، والحد لا بد وأن يكون مطردًا منعكسا، وعلى هذا التقدير يرد عليه عشرون سؤالا:
الأول قوله:((حكم الذهن)) أسس تقسيمه على الحكم، والحكم لايكون إلا في التصديقات، مع أن العلم قد يكون في التصورات التى لاحكم فيها، وقد اتفق الناس على صحة تقسيم العلم إلى التصور والتصديق.
فقوله:((الحكم)) يخرج أحد قسمى العلم، ولايتأتى له أن يخرج قسما من هذا التقسيم جامعا للعلم ع أنه قصد الحد الجامع المانع، فلا يتم له بذلك.
الثاني: على إضافة الحكم إلى الذهن، يقتضى اختصاص العلم بأحكام العقول وتصديقاتها، مع أن العلم القديم ليس كذلك، بل العقل يمكن أن يقال: إنه ليس حاصلا للملائكة، وإن كانوا من سادات العلماء والخاصة النجباء؛ لأن العقل هو سجية خاصة ينشأ عن الأمزجة البشرية، نسبة هذه