وأما الذي لا يكون جازما، فالتردد بين الطرفين، إن كان على السوية، فهو:
الشك، وإلا، فالراجح ظن، والمرجحوح ونم.
الثانى: أنه ليس يجب أن يكون كل تصور مكتسبا، وإلا، لزم الدَّورُ أو التسلسل؛ إمَّا في موضوعات متناهية، أو غير متناهية؛ وهو يمنع حصول التصور أصلا، بل لا بد من تصور غير مكتسب، وأحق الأمور بذلك ما يجده العاقل من نفسه، ويدرك التفرقة بينه وبين غيره بالضرورة.
ومنها: القسم المسمى بالعلم؛ لأن كل أحد يدرك بالضرورة ألمه ولذَّته، ويدرك بالضرورة كونه عالما بهذه الأمور.
ولولا أن العلم بحقيقة العلم ضرورى، وإلا لامتنع ان يكون علمه بكونه عالما بهذه الأمور ضروريا؛ لما أن التصديق موقوف على التصور، وكذا القول في الظن.
ثم العبارة المحررة أن الظن تغليب لأحد مجوزين ظاهي التجويز.
وها هنا دقيقة وهي أن التغليب إما أن يكون في المعتقد، أو في الاعتقاد:
أما الذي يكون في المعتقد فهو: أن يكون الشيء ممكن الوجود والعدم، إلا أن أحد الطرفين به أولى؛ كالغيم الرطب؛ فإن نزول المطر منه وعدم نزوله ممكنان، لكن النزول أولى.
وأما الذي يكون في الاعتقاد، فهو: أن يحصل اعتقاد الوقوع، واعتقاد اللاوقوع كل واحد مع تجويز النقيض، لكن اعتقاد الوقوع يكون أظهر عنده من اعتقاد اللاوقوع؛ فظهر أن اعتقاد رجحان الوقوع مغاير لاعتقاد رجحان اللاوقوع.