قوله:(وأما الثاني فمحال لامتناع اجتماع النفي والإثبات في الجهة الواحدة).
تقريره: أن كونه حقيقة، يقتضي أنه موضوع له، وكونه مجازا يقتضي أنه غير موضوع له، فيكون موضوعا (له) غير موضوع له، وهو جمع بين النقيضين.
(المسألة الثالثة)
(متى كان اللفظ مجازا في شيء، فلابد وأن يكون حقيقة في غيره).
قلت: هذه المسألة تناقض قوله في الحقيقة اللغوية، فيما تقدم: أن المجاز قد ينقل عن الحقيقة، وأن المجاز يكفي فيه تقدم الوضع، وقد تقدم تقريره، وهو صحيح، وهاهنا جعل من لوازم المجاز الحقيقة، وهو تناقض، حتى قال بعضهم: إنه لما بحث في هذه المسألة نسي تلك المسألة، ولذلك جعله النقشواني نقيض أصله في ذلك الوضع.
وجوابه: أن الإشكال إنما جاء من جهة عدم فهم لفظه وتأمله، فإن المستدلين ئمت على الحقيقة اللغوية قالوا: الواقع من الاستعمال إن كان مجازا، فالحقيقة واقعة منهم هو ذلك، والبحث ئمت باعتبار الواقع، والبحث هاهنا باعتبار التوقع، والقبول فقط يدل على ذلك.
قوله:(متى كان مجازا).
وهو صيغة شرط، والشرط لا بد وأن يكون معدوما مستقبلا.
وقوله:(فلابد وأن يكون مجازا في غيره مستقبل أيضا، من جهة أنه جواب الشرط، وجواب الشرط يجب أن يكون مستقبلا، ومن جهة صيغة (أن) فإنها لا تكون مع الفعل المضارع إلا للاستقبال، والمستقبل لا وقوع فيه، فلم يبق إلا القبول، ولا تناقض بين تلازم القبولين، وعدم تلازم الوقوعين