للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: يجب الأخذ بأثقل القولين؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: (الحق ثقيل قوى، والباطل خفيف وبي).

وهذه الدلالة ضعيفة؛ لأنه لا يلزم من قولنا: (كل حق ثقيل) أن يكون كل ثقيل حقا. ولا من قولنا: (الباطل خفيف) أن يكون كل خفيف باطلاً، وهاهنا طريقة أخرى يسمونها طريقة الاحتياط، وهي: إما الأخذ بأكثر ما قيل، أو بأثقل ما قيل، ولما تقدم الكلام فيها، فلا فائدة في الإعادة.

المسألة السابعة

(الأخذ بأخف القولين)

قال القرافي: قوله: (وأما القياس، والتحامل على المعنى أولى من الفقير):

قلنا: هذا ليس قياسًا؛ بل استدلال بالمناسبة المطلقة، والقياس لابد فيه من أصل يقاس عليه، ولا أصل هنا فلا قياس.

قوله: (يدل عليه قوله تعالى:} يريد الله بكم اليسر {،} وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ {.

وقوله عليه السلام: (بعثت بالحنيفية السمحة) (لا ضرر ولا ضرار):

قلنا: الجواب عن الأول من وجهين:

أحدهما: أن هذه الآية لا يمكنكم العمل بظاهرها؛ لأن الله - تعالى - إنما أخبر عن نفي الإرادة، لا عن نفي المشروعية والحكم، والمشروعية عندكم غير الإرادة.

وثانيهما: أن الذي يصدق عليه أنه عسير لغة، وعرفًا، هو ما يثقل حمله، فقد يكون القولان يمكن حمل كل واحدٍ منهما من غير ضررٍ، ولا عسر، وإن كان أحدهما أخف، فلا تتناول الآية واحدًا منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>