أضداده، فإذا قال له: اجلس في البيت، فقد نهاه عن الجلوس في السوق، والحمام، والطريق، والبحر وغير ذلك من المواضع التي يضاد الجلوس فيها الجلوس في البيت، وإذا قال له: لا تجلس في البيت، فقد أمره بالجلوس في السوق أو في المسجد، أو في غير ذلك، ولا يتعين منها شيء، بل أحد الأمور التي يضاد الجلوس في البيت فعلها، وقد خرج عن العهدة.
(تنبيه)
تردد كلام الأصوليين في هذه المسألة، هل المراد بقولنا: الأمر بالشيء نهي عن ضده في الكلام النفساني، فيكون الأمر النفساني نهيًا عن الضد نهيًا نفسانيًا؟ أو المراد أن الأمر اللساني نهي عن الأضداد بطريق الالتزام؟
وهو مراد المصنف، وقد صرح به، فإن فرعنا على الاول تعين التفصيل بين من يعلم بالأضداد، وبين من لا يعلم، فالله - تعالى - بكل شيء عليم، وكلامه واحد هو أمر، ونهي، وخبر، فأمره عين نهيه، وعين خبره، غير أن التعلقات تختلف، فالأمر عين النهي باعتبار الصفة المتعلقة نفسها التي هي الكلام، وهو غيره باعتبار ان الكلام إنما يصير أمرًا بإضافة تعلق الخاص وهو تعلق الكلام بترجيح طلب الفعل وإنما يصير نهيًا بتعلقه بطلب الترك، فالكلام يفيد التعلق الخاص غيره بالتعلق الآخر، فهذه الأقسام والتفاصيل لاينبغي الخلاف فيها لمن تصورها، وأن أمر الله تعالى بالشيء نهي عن ضده باعتبار أنه لا بد من حصول التعلق بالضد المنافي، وأما من لا شعور له بضد المأمور، فلا يتصور منه النهي عن الاضداد، فكلامه النفسي تفصيلا لعدم الشعور بها، ويصدق أنه نهى عنها بطريق الإجمال؛ لأنه طلب للمأمور على