التفصيل، وليلخصه بكل طريق يفضي لذلك التحصيل؛ لأنه طلب، ومن جملتها اجتناب الأضداد، فيصدق أنه طلب على سبيل الإجمال، كما يطلب الإنسان الترياق الفارق وغيره من المطالب، ويطلب الجنة، وهو لا يعلم تفاصيلها، ولا تفصيل شيء من ذلك، ويصدق عليه أنه طالب لنعيم الجنة، هذا إن فرعنا على الكلام النفسي، وإن فرعنا على الكلام اللساني فلا ينبغي أن يختلف أن صيغة قولنا:(تحرك) ليس فيها صيغة قولنا: (لا تسكن)؛ فإن ذلك مكابرة للحس، وغنما يقع الخلاف في أن صيغة الأمر هل دلت التزامًا أم لا؟
وقد حكى سيف الدين الخلاف في المسألة مفصلا، فقال: الأمر بالشيء على التعيين هل هو نهي عن أضداده؟ اختلفوا فيه:
أما أصحابنا: فالأمر عندهم الطلب النفساني، وقد اختلفوا فيه.
فمنهم من قال: الأمر بالشيء بعينه نهي عن أضداده، وأن طلب الفعل بعينه هو طلب الترك، وهو قول القاضي منا.
ومنهم من قال: هو نهي عن أضداده بمعنى أنه يستلزمه، وهو قول القاضي أخيرًا.
ومنهم من منع ذلك مطلقًا، وقاله إمام الحرمين والغزالي.
وأما المعتزلة: فالأمر عندهم ليس إلا صيغة (افعل)، وقد اتفقوا على أن صيغة (افعل) لا تكون نهيًا، بل من جهة الالتزام.