للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقرير الجواب عنه: أن القاعدة الشرعية أن الخطاب متى ورد بشيء غير مقدور، أو في حالة غير مقدورة، فيتعين حمله على سببه، أو ثمرته.

مثال السبب: قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: ١]، والطلاق تحريم، والتحريم حكم الله تعالى لا مدخل للمكلف في إيجاده، فيتعين سببه، وكذلك قوله تعالى: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران:١٠٢] أي تسببوا في ذلك.

والثمرة: كقوله تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} [النور: ٢]، أي لا تنقصوا الحد؛ لأن الرأفة الطبيعية لا يمكن اجتنابها، وقوله تعالى: {اجتنبوا كثيرا من الظن} [الحجرات: ١٢]، أي: لا تتحدثوا به، ولا ترتبوا عليه مقتضاه حتى يثبت؛ لأن الظن يهجم على النفس عند وجود أسبابه، فلا يمكن النهي عنه، كذلك هذه الآية، معناه لا تتعاطوا السبب المفضي إلى أن تأتوا الصلاة وأنتم سكارى نهي من القسم الأول.

(سؤال)

قال النقشواني: في تكليف الغافل أقرب من تكليف المعدوم، فكيف جوزتم تكليف المعدوم، ومنعتم تكليف الغافل؟

جوابه: أن المعدوم قلنا: تكليف بمعنى أنه تعلق به الخطاب في الأزل على تقدير وجوده، وبعث إليه الرسل، ويعلم خطاب الله تعالى في الأزل على تقدير وجوده.

ومرادنا هاهنا: أن الغافل لا يخاطب في زمان غفلته أي: لا يكون تركه للفعل زمان الغفلة موجبا للمؤاخذة لغير الغافل، وما وراءه إلا تكليف المعدوم حالة العدم، ويكون الترك حالة العدم موجبا للعقوبة، وهذا لم يقل به أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>