لأن معناه: ليكن لك صنع واختيار فيما ليس لك فيه صنع واختيار، وهو جمع بين النقيضين.
قوله:" الأمر بمعرفة الله تعالى وارد ".
قلنا: قد تقدم الجواب عنه في تكليف ما لا يطاق.
قوله:" العلم بوجوب تحصيل معرفة الله تعالى لا يحصل إلا بالنظر، وقبل النظر لا يكون عالما بذلك، فيلزم تكليف الغافل ".
قلنا: مذهب أهل الحق أن وجوب النظر لا يتوقف إلا على الممكن، فإذا تمكن فهو تجوز أن له ربًّا يوجب عليه تحصيل معرفته، وإن تركها استحق العقاب، وإن فعلها استحق الثواب، ويجوز ألا يكون كذلك، ومقتضى النظر الأول هو في الفطرة الأولى أن الأحوط في هذا الأمر العظيم الفحص والنظر في حقيقته، فينظر قبول البحث إلى أنه واجب بنظر لا يعرى عنه طبع مستقيم بما هو تكليف العاقل، بل عالم بمواقع النظر والفكر في ذلك.
قوله:" وإن حصل بعد إتيانه النظر حصل العلم بالوجوب ".
تقريره: أن أهل الرياضيات قالوا: إن إصلاح الأغذية، وتعديل الأمزجة، والانقطاع عن الخلق في الخلوة، واجتناب الفكر، وموارد الغير بخلو النفس إن كان لها استعداد لذلك، فيصير كالمرآة الثقيلة يظهر فيها صور المعلومات، فتحصل العلوم بغير نظر، ومن ذلك المكاشفات، وإذا ثبت أن العلم طريق آخر، والقاعدة أن المطلب متى كان له وسيلتان فأكثر لا يجب سلوك إحديهما، كما أن الجامع لو كان له طريقان مستويان لا يجب سلوك أحدهما يوم الجمعة عينا.