حفظ الناس يدل على أن أكثر من هذا الحفظ كان عامًا في الناس، فلا يستغرب أن هذه الألفاظ هي ألفاظ الرسول، وفي زمن يعقوب بن عبيد المؤمن بعث إلى الغبش يطلب منه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتبه لجدهم هرقل الذي فيه (قل يا أهل الكتاب إلى قوله: أسلم تسلم، فإن توليت فإنما عليكم إثم الأريسين)، فوجده يعقوب على نص ما في البخاري لم يتغير منه شيء، وهذا يدل على حفظ الملة، وصون الرسالة المحمدية، ويؤيد ذلك قوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون}[الحجر: ٩]، والسنة هي من جملة المنزل، فهي محفوظة، ولله الحمد على ذلك.
(تنبيه)
قال سراج الدين على قول أن القائل: أنا كاذب ولم يكن كذب قط: لقائل أن يقول: لم لا يجوز اتحاد المخبر، والمخبر عنه يكذبه؛ فإن قول من لم يتكلم قط في يوم:(أنا كاذب في هذا اليوم) خبر اتحد مع المخبر عنه يكذبه، ثم الغرض يتأتى بالصدق أيضًا.
نعم قوله:(كل إخباراتي كاذبة) كاذب؛ لأنه إن صدق خر منها كذب هذا، وإلا كذب هذا أيضًا.