قال الرازي: والكلام فيه مبني على أن تعليل الحكم الواحد بعلتين، هل يجوز أم لا؟ وفي مسألتان:
المسألة الأول: يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين منصوصتين؛ خلافا لبعضهم.
لنا: أن الردة، والقتل، والزنا: كل واحد منها، لو انفرد، كان مستقلا باقتضاء حل القتل، ثم إنه اجتماعها، فعند اجتماعها: يكون حل الدم حاصلا بها جميعا.
فإن قيل: لا تسلم أن هناك حكما واحدا، بل أحكاما كثيرة؛ فإن حل القتل بسبب الردة غير حله بسبب القتل؛ والدليل عليه وجهان:
الأول: أن الرجل، إذا عاد إلى الإسلام، زالت الإباحة الحاصلة بسبب الردة، وبقيت الإباحة الحاصلة بسبب القتل والزنا، ثم إذا عفا ولي الدم، زالت الإباحة الحاصلة بسبب القتل، وبقيت الإباحة الحاصلة بسبب الزنا.
الثاني: أن القتل المستحق بسبب القتل يجوز العفو عنه لولى الدم، والقتل المستحق بسبب الردة لا يتمكن الولي من إسقاطه، وذلك يدل على تعاير الحكمين.
سلمنا أن الحكم واحد؛ ولكن لا نسلم أنه يمكن حصول هذه الأسباب الثلاثة دفعة واحدة؛ ولم لا يجوز أن يقال: لا بد وأن يحصل منها واحد قبل حصول البواقي؟.