قال الرازي: قبل الخوض في المسائل لابد من مقدمة، وهي أن الخطأ جائز؛ عقلا، على هذه الأمة؛ كجوازه على سائر الأمم، لكن الأدلة السمعية منعت منه. وهي واردة بلفظين:
أحدها: لفظ (المؤمنين) في آية المشاقة.
والآخر: لفظ (الأمة) في سائر الآيات والخبر.
فأما لفظ (المؤمنين) فقد مر في باب العموم: أنه للاستغراق.
وأما لفظ (الأمة) فإنه يتناول كافة الأمة.
فعلى هذا يجب أن يكون المعتبر قول كل المؤمنين، وقول كل الأمة؛ فإن خرج البعض، فلابد من دليل منفصل.
وإن اكتفينا بالبعض، لم يمكن إثباته بهذه الأدلة؛ بل لابد من دليل آخر، إلا أن هذه الأدلة كما لا تقتضي ذلك الحكم في البعض لا تمنع من ثبوته في البعض؛ لأن ما يدل على ثبوت حكم في الكل، لا يمنع من ثبوته في البعض، ولا يلزم من انتفاء دليل معين انتفاء المدلول.
المسألة الأولى: لا يعتبر في الإجماع اتفاق الأمة من وقت الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة؛ لأن الذي دل على الإجماع دل على وجوب الاستدلال به، وذلك الاستدلال: إما أن يكون قبل يوم القيامة، وهو محال على التقدير الذي قالوه، لجواز أن يحدث بعد ذلك قوم آخرون، أو بعده، وهو باطل؛ لأنه لا حاجة في ذلك الوقت إلى الاستدلال.