لا نسلم أن المباح يضاد الحرام في كل الصور، فقد لا يضاده كالكلام في وقت الزنا ونحوه، وحينئذ إنما يتأتي هذا في بعض المباحات، فلا يتم مقصوده.
وقوله:"وثانيها: قال كثير: إن الصوم واجب على المريض، والمسافر، والحائض".
قلنا: أما إطلاق الوجوب على المسافر، والحائض فإن أريد به أنه يجب عليهما أحد الشهرين إما شهر الأداء أو شهر القضاء فهو حق، ويكون الساقط عنهما إنما هو تعيين خصوص رمضان، وإن أريد به وجوب الخصوص في رمضان فهو باطل، وأما الحائض فالحق أنه لا يجب عليها إلا أحد الشهرين، ولا الخصوص؛ لأنها لو كانت كذلك لصح منها أن تأتي بخصوص رمضان، وهو خلاف الإجماع.
والمخالف في هذه المسألة كما علمت طائفة من المالكية والحنفية، وإختاره الشيخ أبو إسحاق في (اللمع)
، والقاضي أبو يعلى الحنبلي في كتاب (العدة) نقله عن الحنابلة.
ففي هذا القول المذاهب الأربعة:
فأما المالكية القائلون بها فأطلقت ذلك، ولم تفصل ولم تزد حرفا.
وأما الحنفية: فحسب قولها، وقالوا: يجب عليهما وجوبا موسعا، فلم يصادموا انعقاد الإجماع على تأثيمها بالصوم، بخلاف المالكية غير الحنفية، لم يصف لهم مسيرتهم أيضا؛ فإن قاعدة الواجب الموسع أن يصح الإتيان به في أي جزء شاء المكلف من ذلك الزمان الذي وسع الشرع فيه، فإن التزموا ذلك ورد عليهم الإشكال الوارد على المالكية من مصادمة الإجماع، وإن