أما نص يشمل ذلك الباب، وغيره، فلا عبرة به؛ لأن هذه المصلحة أخص منها، والأخص مقدم على الأعم - لاسيما - إذا كان النص يشمل جميع الشريعة، فقد كثر تخصيصه، فضعف التمسك به.
(سؤال)
ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والاستحسان، فقد جعلتموهما مدركين مع أنه لا معنى للاستحسان إلا مصلحة خالصة، أو راجحة تقع في نفس الناظر؟
جوابه: الاستحسان أخص؛ لأنا نشترط فيه أن يكون له معارض مرجوح، ويرجح الاستحسان عليه، وكذلك قلنا فيه: هو ترك وجه من وجوه الاجتهاد لوجه أقوى منه.
والمصلحة المرسلة لا يشترط فيها معارض؛ بل قد يقع تسليمه عن المعارض؛ لأن المعارض - هاهنا - يريد به الخاص بذلك الباب، وهو متعين في - الاستحسان دون المصلحة المرسلة.
(تنبيه)
يحكى أن المصلحة المرسلة من خصائص مذهب مالك.
وليس كذلك، بل المذاهب كلها مشتركة فيها؛ فإنهم يعلقون، ويفرقون في صور النقوض، وغيرها، ولا يطالبون أنفسهم بأصل يشهد لذلك الفارق بالاعتبار؛ بل يعتمدون على مجرد المناسبة، وهذا هو عين المصلحة المرسلة.
ثم إن الشافعية يدعون أنهم أبعد الناس عنها، وأقربهم إلى مراعاة الأصول، والنصوص، وقد أخذوا من المصلحة المرسلة أو في نصيب، وحظ، حتى لم يجاوز فيها.