يكون عالمًا بالشيء، أو جاهلاً به جهلاً بسيطًا، ولا يقع له الجهل المركب أبدًا، ولا محال في ذلك.
أما الجهل البسيط: فمن لوازم البشر، وجميع من هو حي من المخلوقات، فإن الله - تعالى - هو الذي أحاط بكل شيء علمًا، وغير الله - تعالى - يجب أن تكون مجهولاته غير متناهية، ومعلوماته متناهية، والدخول في النقيضة التي ليست من اللوازم أقبح من الإنصاف بما لا ينفك عنه أحد.
وفي هذا المقام تفرع كلام الفرق الثلاث، فنحن لما جوزنا أن الله - تعالى - يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ولم نقل بالحسن والقبح العقليين، لا جرم جوزنا على الله - تعالى - أن يبتلى عباده بالجهلين البسيط والمركب، ويتأخر البيان عن وقتي الخطاب والحاجة فيما له ظاهر، وما لا ظاهر له، والمعتزلة لما قالوا بالحسن والقبح، قالوا: يجب تعجيل البيان عند وقت الخطاب؛ لئلا يوقع المتكلم السامع في الجهل بمراده، والاحتراز عن المفاسد الممكنة الرفع واجب عقلاً على أصولهم.
وأما أبو الحسين: فتوسط بيننا وبينهم، فقال: أما الجهل البسيط، الذي هو من لوازم البشر: فلا غرو؛ لقلة مفسدته، فلا جرم يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب فيما لا ظاهر له؛ لأن غايته حصول الجهل البسيط بمراد المتكلم.
وأما ما له ظاهر: فيتعين تقديم البيان؛ لأنه إذا لم يتبين، يعتقد السامع أن الظاهر مراد، وليس مرادًا؛ فيقع في الجهل المركب، وهو مفسدة عظيمة، وإذا تعين تعجيل البيان؛ نفيًا لهذه المفسدة، فيلغى البيان الإجمالي بأن يقول: الظاهر غير مراد، فلا يبقى مع ذلك اعتقاد أن الظاهر مراد فينتفي الجهل المركب، ويبقى الجهل البسيط بمراد المتكلم فقط.
[(فائدة)]
قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص): قال المعتزلة، وأصحاب أبي