المجاز لا بد له من علاقة، ولا علاقة في هذه المعاني، بل بعضها في غاية البعد عن الحقيقة نحو التهديد، فإنه بعيد من الإيجاب.
جوابه: أنها من مجازات التشبيه
وتقريره: أن الندب والتأديب والإرشاد فيها معنى الرجحان، وهو مشابه للوجوب، لوجوده في الوجوب والإباحة جواز الإقدام، وهو صفة الوجوب، لأن كل ما وجب جاز فعله.
(والتهديد، كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم)[فصلت:٤٠]
معناه: أنتم بصفة من بعد عن الخير والانضباط، فشأنكم أن تؤمروا بالمفاسد لقبح ما أنتم عليه، كقوله عليه السلام:(من شرب الخمر فليشقص الخنازير) أي من وصل هذه الغاية فينبغي أن يكون جزارا للخنازير.
وهذا الكلام من الرسول صلى الله عليه وسلم في غاية التهديد الدال على تمكن الغضب، وهو أمر لهم على تقديره كونهم موضوفين بهذه الصفة، والأمر المقدر مشابه المحقق في كونه أمرا، والإلزام بضد هذا، أي: أنتم بصفة من يؤمر بأكل السيبات، ويلزم دار الكرامات، فهو يشبه الإيجاب، والتعجيز والسخرية فيه طلب إظهار العجز والامتهان بهم، ففيه طلب حصل به التشبيه للوجوب، لأن الأمر طلب لمصلحة الفعل، وهذه أوامر لمصالح أخرى غير مصلحة الفعل، فاشتركا في مفهوم الطلب، وإن اختلفت مقاصده، والرهانة لأجل الإهانة، والتسوية طلب لمقصود.