قوله:(تارك المأمور به مخالفة لذلك الأمر، والمخالف يستحق العقاب، ولا معنى بأن الأمر للوجوب إلا ذلك):
قلنا: هذا الدليل مركب من الشكل الأول، ومن شرطه أن تكون صغراه موجبة، وكبراه كلية، والكبرى هاهنا جزئية.
[(بيان)]
أنه لم يقم الدليل إلا على أن مخالف أمر الله تعالى وأمر رسوله، صلى الله عليه وسلم، ينبغي أن يحذر العذاب وهؤلاء بعض المخالفين، وإنما تكون كلية إذا قام الدليل على أن كل مخالف يستحق العقاب، أو ينبغي أن يحذر العقاب، [بل الذي في الآية ينزل منزلة قول القائل:(وبعض المخالفين)] وذلك غير منتج إجماعا.
سلّمنا إنتاجه، لكن قوله:(مخالفة الأمر ترك مقتضاه):
قلنا: لا نسلم، ولم لا يجوز أن تكون المخالفة فعل ضد المأموربه، ويكون الترك نقيضا لا ضدا؟ وهو الحق، لأن الفعل وعدمه لا يجتمعان ولا يرتفعان، وأما الموافقة والمخالفة قد يرتفعان.
فإن قيل: وجود العالم لا موافقة ولا مخالفة، والضد أخص من النقيض، ولا يلزم من اولعيد على الأخص الوعيد على الأعم، كالوعيد على شرب الخمر، ولحم الخنزير دون مطلق اللحم ومطلق الشراب،
سلّمنا إنتاجه لكن هذا يفيد أن أوامر الشرع جعلها صاحب الشرع كذلك، فلم قلتم: إن أصل اللغة كذلك؟ بل هذه الآية ونحوها يمكن أن يستدل بها على أن الأمر في اللغة ليس للوجوب، لأنه لو كان للوجوب لاكتفى بذلك