عن إبداء نصوص في الشريعة تقتضي العقاب، فلما وردت الآيات بالوعيد دلّ على خلو اللغة عن ذلك، لأن الأصل عدم المرادف في الأدلة.
قوله:(الآية دلت على أن الأمر بالحذر عن المخالفة، ولا على أمر المخالف بالحذر):
قلنا: والمقصود حاصل على هذا التقدير أيضا، فإنا إذا قلنا: احذر المخالف لزيد، فإن ذلك يدل على أن مخالفة زيد سبب يوجب الضرر، ولانعني بأن الأمر للوجوب إلا ذلك، ثم الفاعل هاهنا إذا لم يكن (المخالفين) فإما أن يعود على المتسللين أو غيرهم، والأول باطل، وإلا لزم أن يظهر
(بالواو) لأنه حينئذ ضمير جماعة، وإن عاد على غيرهم فهو محال لعدم ذكره، وحذف الفاعل مطلقا لا سبيل إليه، فيتعين أن يكون (الذين) هو الفاعل، وهو المطلوب.
وهذا يتجه أكثر من جواب الكتاب.
قوله:(الآية دالة على الأمر بالحذر للمخالف عن الأمر لا مخالف الأمر، وتزاعنا إنما هو فيمن خالف أمر الله تعالى، لا في المخالف عن أمر الله تعالى).
قلنا:(عن) هاهنا للمجاوزة، لأن الفعل تضمن معنى المجاوزة واستعمل في المجاوزة من غير تضمين، وقد تقدم الفرق بينهما، وهو أن التضمين هو الجمع بين الحقيقة والمجاز، والمجاز إعراض عن الحقيقة بالكلية.
ووجه تعلق الغرض بالمجاوزة أن أمر الله تعالى إذا أورد على المكلف، ومات في الزمان الذي يلي ورود الأمر لا يكون عاصيا، لأن زمن الموت حينئذ يكون أول أزمنة الإمكان، فلا بد أن يتجاوز الأمر في ذلك الزمان فما