قال الرازي المسألة الأولي: إذا قال بعض أهل العصر قولا، وكان الباقون حاضرين، لكنهم سكتوا، وما أنكروه، فمذهب الشافعي - رضي الله عنه - وهو الحق أنه ليس بإجماع، ولا حجةٍ.
وقال الجبائي: إنه إجماع وحجة بعد انقراض العصر.
وقال أبو هاشمٍ: ليس بإجماعٍ، ولكنه حجة.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: إن كان هذا القول من حاكمٍ، لم يكن إجماعًا، ولا حجةً، وإن لم يكن من حاكمٍ، كان إجماعًا، وحجةً.
لنا: أن السكوت يحتمل وجوهًا أخر، سوى الرضا، وهي ثمانية:
أحدها: أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول، وقد تظهر عليه قرائن السخط.
وثانيها: ربما رآه قولا سائغًا أدى اجتهاده إليه، وإن لم يكن موافقًا عليه.
وثالثها: أن يعتقد أن كل مجتهدٍ مصيب؛ فلا يرى الإنكار فرضًا أصلا.
ورابعها: ربما أراد الإنكار، ولكنه ينتهز فرصة التمكن منه، ولا يرى المبادرة إليه مصلحةً.
وخامسها: أنه لو أنكر، لم يلتفت إليه، ولحقه بسبب ذلك ذل، كما قال ابن عباسٍ في سكوته عن العول:(هبته، وكان والله مهيبًا).