قال الرازي: المأمور به، إذا كان مشروطا بشرط، فالآمر إما أن يكون غير عالم بعدم الشرط، أو لا يكون:
أما الأول: فكما إذا قال السيد لعبده: " صم غدا " فإن هذا مشروط ببقاء العبد غدا، وهو مجهول للآمر، فهاهنا: الأمر تحقق في الحال بشرط بقاء المأمور قادرا على الفعل.
وأما الثاني: فكما إذا علم الله تعالى أن زيدا سيموت غدا، فهل يصح أن يقال: إن الله تعالى أمره بالصوم غدا؛ بشرط أن يعيش غدا، مع أنه يعلم أنه لا يعيش غدا؟
قطع القاضي أبو بكر، والغزالي رحمهما الله تعالى به، وأباه جمهور المعتزلة.
حجة المنكرين: أن شرط الأمر بقاء المأمور؛ فالعالم بأن المأمور لا يبقى - عالم بفوات شرط الأمر؛ فاستحال مع ذلك حصول الأمر.
قال المجوزون: لا نزاع في أنه لا يجوز أن يقول للميت حال كونه ميتا: (افعل) لكن لم لا يجوز أن يقال في الحال، لمن يعلم أنه سيموت غدا:(افعل غدا، إن عشت) بل هو جائز لما فيه من المصالح الكثيرة؛ فإن المكلف قد يوطن النفس على الامتثال، ويكون ذلك التوطين نافعا له يوم المعاد، ونافعا له في الدنيا؛ لأنه ينحرف به في الحال عن الفساد.
وهذا كان أن السيد قد يستصلح عبده بأوامر ينجزها عليه، مع عزمه على