والتعريف الأول: قول من يعلل أحكام الله تعالى بالحكم والمصالح، والتعريف الثاني: قول من يأباه.
الفصل الثالث
في المناسبة
قال القرافي: قوله: (اللذة إدراك الملائم، والألم إدراك المنافي):
قلنا: اللذة والألم عرضان من أعراض النفس غير المعلوم، بل هي كأنواع الطعوم والروائح، وإدراكها غيرها، فتفسيرها بالإدراك الخاص تفسير الشيء بما يلازمه، فيكون رسمه ناقصًا، وهو جائز في التعريف، لكنه لا ينبغي لك أن تعتقد أن اللذة نفس إدراكها؛ فهو خطأ، وهو كما لو قيل: السواد إدراك المفرق للبصر.
وقال قطب الدين المصري- في (شرح المحصل) - وغيره من العلماء: إن من الناس من يقول: اللذة عدمية، وهي عدم المنافي، فلذة الجماع هي عدم المزاحمة المني في أوعيته، ولذة الأكل زوال الجوع، وكذلك جميع صور اللذة.
قال قطب الدين: فإن قلت: نحن نجد أنفسنا نلتذ بالنظر إلى وجه جميل لم يكن قط في بالنا، ولا نحن مشتاقون إليه، حتى يقال: ذهب عنا برؤيته ألم الشوق، فعلمنا أن اللذة غير دفع الألم.
وأجاب عنه: بأن كل نفس فاضلة مائلة إلى رؤية الجمال من حيث الجملة، فإذا رأت هذه الصورة اندفع عنها ذلك الشوق.