قال الرازي: فيما عدا التواتر؛ من الطرق الدالة على كون الخبر صدقًا: القول في الطرق الصحيحة، وهى ثمانية:
الأول: الخبر الذي عرف وجود مخبره بالضرورة.
الثاني: الخبر الذي عرف وجود مخبره بالاستدلال.
الثالث: خبر الله- تعالي- صدق، باتفاق أرباب الملل والأديان، ولكنهم اختلفوا في الدلالة عليه؛ بحسب اختلافهم في مسألتي الحسن والقبح والمخلوق، أما أصحابنا، فقد قال الغزالي- رحمه الله: يدل عليه دليلان: أقواهما: إخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن امتناع الكذب على الله- تعالى- والثاني: أن كلامه- تعالى- قائم بذاته، ويستحيل الكذب في كلام النفس على من يستحيل عليه الجهل؛ إذا الخبر يقوم بالنفس على وفق العلم، والجهل على الله تعالى محال.
ولقائل أن يتعرض على الأول: بأن العلم بصدق الرسول موقوف على دلالة المعجزة على صدقه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك إنما كان؛ لأن المعجز قائم مقام التصديق بالقول.
وإذا كان صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستفادًا من تصديق الله تعالى إياه، وذلك إنما يدل أن لو ثبت أن الله صادق؛ إذا لو جاز الكذب عليه، لم يلزم من تصديقه للنبي - صلى الله عليه وسلم - كونه صادقًا.
فإذن: العلم بصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - موقوف على العلم بصدق الله تعالى، فلو استفدنا العلم بصدق الله تعالى من صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، للزم الدور.