لا يعتبر في المجمعين بلوغهم إلى حد التواتر؛ لأن الآيات والأخبار دالة على عصمة الأمة والمؤمنين، فلو بلغوا- والعياذ بالله- إلى الشخص الواحد، كان مندرجا تحت تلك الدلالة؛ فكان قوله حجة.
فأما من أثبت الإجماع بالعقل؛ من حيث إن اتفاقهم يكشف عن وجود الدليل، فيعتبر فيه بلوغ المجمعين حد التواتر؛ لكنه باطل عندنا؛ على ما مر.
المسألة السادسة
إجماع غير الصحابة حجة؛ خلافا لأهل الظاهر.
لنا: أن التابعين إذا أجمعوا، كان قولهم سبيلا للمؤمنين؛ فيجب اتباعه بالآية.
فإن قلت: الآية إنما دلت على وجوب اتباع سبيل المؤمنين الذين كانوا حاضرين عند نزول الآية؛ لأنهم كانوا هم المؤمنين؛ أما الذين سيوجدون بعد ذلك، فلا يصدق عليهم في ذلك الوقت: أنهم مؤمنون.
قلت: فهذا يقتضي أنه لو مات من أولئك الحاضرين واحد ألا ينعقد الإجماع بعد ذلك؛ لكن كثيرا منهم مات قبل وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإن لم نقطع بذلك؛ لكن لا يمكننا القطع ببقائهم بعد وفاته، فيكون الشك فيه شكا في انعقاد الإجماع.