أحدها: أن أدلة الإجماع لا تتناول إلا الصحابة؛ فلا يجوز القطع بأن إجماع غيرهم حجة.
بيان الأول: أن قوله عز وجل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}[البقرة: ١٤٣] وقوله: {كنت خير أمة أخرجت للناس}[آل عمران: ١١٠] لاشك أنه خطاب مواجهة؛ فلا يتناول إلا الحاضرين.
وأما قوله عز وجل:{ويتبع غير سبيل المؤمنين}[النساء: ١١٥] فكذلك؛ لأن من سيوجد بعد ذلك لا يصدق عليه في الحال اسم المؤمنين، فالآية لا تتناول إلا من كان مؤمنا حال نزولها.
وكذا القول في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمتي لا تجتمع على خطأ).
وإذا ثبت أن هذه الأدلة لا تتناول إلا الصحابة، وثبت أنه لا طريق إلى إثبات الإجماع إلا هذه الأدلة؛ وجب ألا يكون إجماع غير الصحابة حجة.
وثانيها: أن أهل العصر الثاني، لو أجمعوا، لكان إجماعهم، إما أن يكون لقياس، أو لنص:
والأول: باطل؛ لأن القياس ليس بحجة عند الكل؛ فلا يجوز أن يكون طريقا إلى صدور الإجماع من الكل؛ فيبقى الثاني، وهو أنهم إنما أجمعوا من جهة النص، والنص إنما وصل إليهم من الصحابة؛ فكان إجماع الصحابة على ذلك الحكم؛ لأجل ذلك النص- أولى، فلما لم يوجد إجماعهم، علمنا عدم ذلك النص.