فأقول: اللفظ إذا وضع لمعنى زاد عما تحته وقصر عما فوقه وانطبق على مسماه، فصارت المطابقة للمسمى باعتبار اللفظ، ولنمش الآن على طريق المتأخرين فنقول: سمي الفهم المتعلق بالمسمى مطابقة من باب [تسمية] ما يستحقه المتعلق [بالفت] على المتعلق بالكسر، والجزء في ضمن الكل، فصار التضمن حكما للجزء باعتبار كله، فسمي الفهم المتعلق بالجزء تضمنا من باب تسمية المتعلق بالكسر بما يستحقه المتعلق بالفتح في اللازم، واللازم بينه وبين المسمى التزام، فصار الالتزام حكما للازم باعتبار ملزومه، فسمي الفهم المتعلق باللازم التزاما من باب تسمية المتعلق بما يستحقه المتعلق، فهذه التسميات الثلاثة منقولة عن مجاز واحد لغوي، وهو إطلاق ما يستحقه المتعلق على المتعلق، وعلى طريقة الأوائل، والذي اخترته تكون الدلالة صفة اللفظ والمطابقة صفة له باعتبار مسماه، فتكون تسمية الدلالة مطابقة من باب إطلاق ما يستحقه الموصوف الذي هو اللفظ على الصفة التي هي الدلالة التي هي الصفة الأخرى للفظ، والتسميتان الأخريان تبقيان على حالهما، كما تقدم تعليلهما. وكان يمكن أن أقول في [التعليل] الأول: المطابقة حكم للفظ باعتبار مسماه، وفي التضمن حكم للكل باعتبار جزئه، وفي الالتزام حكم للملزوم باعتبار لازمه، لأن النسبة الواقعة بين الشيئين يمكن أن يوصف بها كل واحد منهما، غير أن الذي اخترته من العبارة يقتضي انتظام الثلاثة على نسق واحد.