للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ثبوت الأحكام قبل الشرع ونجوز أن يكون الجميع حراماً أو واجباً بناء على أصولنا في جواز تكليف ما لا يطاق، غير أنا لا نوجبه عقلاً كما تقولون، بل نجوزه، فإذا ورد الشرع بتعيين التسوية بين الفعل والترك، فقد تحددت التسوية، وهي غير ما كان ثابتا قبل الشرع، فإن الشرع لم يتعين قبله ذلك.

والتقرير أيضا يدل على الإباحة القائمة بذات الله تعالى وهو حكم شرعي، وقبل ذلك ما كنا ندري ما قام بذات الله تعالى، وبهذا يظهر بطلان كلام الغزالي في قوله: "لا فرق بين مذهبنا ومذهبهم إن أراد به ليس من الشرع بمعنى نفي الحرج".

(تنبيه)

زاد التبريزي، فقال: الحق في الإباحة إن ورد فيها خطاب التخيير بعين إضافته إلى الشرع فهو حكم شرعي؛ لأنها مقتضى خطابه، وكذلك جاز نسخها بخلاف النفي الأصلي وحيث لا خطاب ولا دلالة، فلا وجه لإضافته إلى الشرع، وانعقاد الإجماع على أن ما لم يرد فيه خطاب للاقتضاء والمنع فهو باق على خيرة الفاعل، لا نجعله حكما من الشرع بدليل الأفعال قبل ورود الشرائع، وأما إذا توجهت دلالة من غير تصريح الخطاب، فهو في محل النظر.

قلت: قوله: "انعقاد الإجماع على ان ما لم يرد فيه خطاب، فهو باق على خيرة الفاعل لا يجعله حكما شرعيا بدليل الأفعال قبل ورود الشرائع"

لا يتجه؛ لأنا نمنع أن الأفعال قبل ورود الشرائع فيها تخيير، ولو سلمناه فالإجماع دليل شرعي كالنص سواء، بل أقوى لعدم الإحتمال فيه، فيضاف إلى الشرع كما سلمه في النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>