قال الرازي: الخبر: إما أن يكون خبرًا عما لا يجوز تغيره؛ كقولنا: العالم محدث، وذلك لا يتطرق إليه النسخ، أو عما يجوز تغيره، وهو: إما أن يكون ماضيًا، أو مستقبلا، والمستقبل: إما أن يكون وعدًا أو وعيدًا، أو خبرًا عن حكم؛ كالخبر عن وجوب الحج، ويجوز النسخ في الكل، وقال أبو علي وأبو هاشم: لا يجوز النسخ في شيء منه، وهو قول أكثر المتقدمين.
لنا: أن الخبر، إذا كان عن أمر ماض؛ كقوله:(عمرت نوحًا ألف سنة) جاز أن يبين من بعده: أنه أراد ألف سنة إلا خمسين عامًا، وإن كان خبرًا مستقبلا، وكان وعدًا، أو وعيدًا، كقوله:(لأعذبن الزاني أبدًا) فيجوز أن يبين من بعد: أنه أراد ألف سنة، وإن كان خبرًا عن حكم الفعل في المستقبل، كان الخبر كالأمر في تناوله للأوقات المستقبلة، فيصح إطلاق الكل مع أن المراد بعض ما تناوله بموضوعه، فثبت أن حكم النسخ في الخبر كهو في الأمر.
احتجوا بوجهين:
الأول: أن دخول النسخ في الخبر، يوهم أنه كان كاذبًا.
والثاني: أنه لو جاز نسخ الخبر، لجاز أن يقول:(أهلك الله عادًا) ثم يقول: (ما أهلكهم) ومعلوم أنه لو قال ذلك، كان كذبًا.
والجواب عن الأول: أن دخول النسخ على الأمر يوهم البداء أيضًا، فإن قالوا: لا يوهم؛ لأن النهي إنما دل على أن الأمر لم يتناول ذلك الوقت، قلنا: