إما أن يكون عزيمة أو رخصة؛ وذلك لأن ما جاز فعله إما أن يجوز مع قيام المقتضى للمنع أو لا يكون كذلك.
فالأول: الرخصة، والثاني: العزيمة.
فما أباحه الله تعالى في الأصل من الأكل والشرب لا يسمى رخصة، ويسمى تناول الميتة رخصة، وسقوط رمضان عن المسافر رخصة.
ثم الذي يجوز فعله مع قيام المقتضى للمنع، قد يكون واجبا، كأكل الميتة، والافطار عند خوف الهلاك من الجوع، وقد لا يكون واجبا كالافطار؛ والقصر في السفر، وقول كلمة الكفر عند الإكراه.
ولما تكلمنا في الحكم الشرعي وأقسامه، فلنبين أنه ثابت بالعقل أو بالشرع.
قال القرافي: قوله: ((ما جاز الإتيان به إما أن يكون عزيمة أو رخصة ...))
إلى آخر التقسيم يرد عليه أربعة أسئلة:
الأول: أن تحديده الرخصة بما جاز فعله من قيام المقتضى لملنع يقتضي أن الحدود، والتعازير، والجهاد، والحج، والصلوات الخمس، والطهارات في شدة البرد، والصوم في الهواجر، ونحو ذلك من كل ما فيه مشقة أن يكون رخصة، وهو خلافا لإجماع؛ لأن الإنسان مكرم معظم لقوله تعالى:((ولقد كرمنا بني آدم)) [الإسراء: ٧٠] ولقوله: ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)) [التين: ٤]، ووصف التكريم يأبى الإهانة، ويمنع من