أما اللقب فيتوقف على تلك الأمور؛ لأن بعضها جزء، وبعضها لازم للمجموع، وأما المضاف فلأن خصوص المضاف إنما يعرف بالمضاف إليه من حيث هو كذلك، والمضاف إليه الفقه، فيتوقف المضاف الذي هو الأصل على معرفته، والفقه هو الأحكام، وهو يستلزم من الكلام صدق الرسول والعربية وغيرها، فالقِسْمَان متوقفان؛ والتوقف أعم من توقف الجزء، وتوقف اللزوم، غير أن اللوازم منها قريب لا بدّ من معرفته، وحضوره في الذهن، وبعيد قد يستغنى عنه.
البحث الثاني
في فضيلة هذا العلم، وقد أجمع قوم من الفقهاء الجهال على ذمّه، واهتضامه، وتحقيره في نفوس الطلبة، بسبب جهلهم به، ويقولون: إنما يتعلم للرياء، والسُّمعة، والتغالب، والجدال، لا لقصد صحيح، بل للمضاربة والمغالبة، وما علموا أنه لولا أصول الفقه لم يثبت من الشريعة قليل ولا كثير، فإن كل حكم شرعى لا بُدَّ له من سبب موضوع، ودليل يدل عليه وعلى سببه، فإذا ألغينا أصول الفقه ألغينا الأدلة، فلا يبقى لنا حكم ولا سبب، فإن إثبات الشرع بغير أدلته، وقواعدها بمجرد الهوى خلاف الإجماع، ولعلهم لا يعبئون بالإجماع، فإنه من جملة أصول الفقه، أو ما علموا أنه أول مراتب المجتهدين، فلو عدمه مجتهد لم يكن مجتهدا قطعا، غاية ما في الباب أن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يكونوا يتخاطبون بهذه الاصطلاحات، أما المعاني فكانت عندهم قطعا، ومن مناقب الشافعى -رضي الله عنه - أنه أول من صنف في أصول الفقه.