وأما الأحكام الشرعية، فلا بد من تصورها ليعلم كيف يفيدها أصول الفقه، ولا يتوقف على الأحكام من جهة أنها حاصلة للأفعال؛ لأن الأحكام متوقفة على أصول الفقه، وهو أدلته من هذا الوجه، فيلزم الدور، بل من الوجه الذي ذكرناه.
وأما مبادئه، فمبادئ كل علم التصورات، والتصديقات المسلمة في ذلك العلم من غير برهان ليبنى عليها ذلك العلم، كانت مسلمة في نفسها كمبادئ علم أصول الدين التى هي البدهيات، أو مقبولة على سبيل المصادرة، وتكون مبرهنة في علم آخر قبل هذا العلم، وهي هاهنا ما يحتاجه أصول الفقه من الكلام والعربية والأحكام الشرعية على ما تقدم.
قال الأبيارىُّ في ((شرح البرهان)): أصول الفقه له معنيان: يطلق لقبا، ويطلق مضافا.
فإنْ أطلق لقبا فهو من الفنون مشتمل على جملة من الأحكام الشرعية، وحقائقها، وأقسامها، والمميز لها، وهو أدلتها، وأقسام الأدلة، وشرائطها، وكيفية الاستدلال بها، وكيفية المستدل.
وإذا أطلق مضافا فهو الأدلة خاصة من هذا الوجه، لا يتوقف على الكلام والعربية والفقه، إنما يتوقف من الوجه الأول الذي هو لقب.