قال الرازي: قال مالك: إجماع أهل المدينة وحدها حجة.
وقال الباقون: ليس كذلك.
حجة مالك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن المدينة لتنفي خبثها؛ كما ينفي الكير خبث الحديد) والخطأ خبث؛ فكان منفيًا عنهم.
فإن قيل: وجد في الخبر ما يقتضي كونه مردودًا؛ لأن ظاهره أن كل من خرج عنها، فإنه من الخبث الذي تنفيه (المدينة)؛ وذلك باطل؛ لأنه قد خرج منها الطيبون؛ كعلي، وعبد الله، رضي عنهما، بل ذكروا ثلاثمائةٍ ونيفًا من الصحابة الذين انتقلوا إلى (العراق) وهم أمثل من الذين بقوا فيها؛ كأبي هريرة وأمثاله.
سلمنا سلامته عن هذا الطعن؛ لكنه من أخبار الآحاد؛ فلا يجوز التمسك به في مسألة علميةٍ.
سلمنا صحة متنه؛ لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك محمولا على من خرج منها؛ لكراهية المقام بها، مع أن في المقام بها بركةً عظيمةً؛ بسبب جوار الرسول، وجوار مسجده - صلى الله عليه وسلم -، ومع ما ورد من الثناء الكثير على المقيمين بها؛ لأن الكاره للمقام بها، مع هذه الأحوال لابد وأن يكون ضعيف الدين، ومن كان كذلك، فهو خبث؟
سلمنا أن المراد كونها نافيةً للقول الباطل؛ لكن قوله:(لتنفي خبثها) ليس فيه صيغة عمومٍ.