إحداهن: إن توقت الفعل بزمان مستقبل، فينسخ قبل حضوره.
وثانيتهن: أن يؤمر به على الفور، فينسخ قبل الشروع فيه.
وثالثتهن: أن يشرع فيه، فينسخ قبل كماله.
ورابعتهن: إذا كان الفعل يتكرر، ففعل مرارًا، ثم نسخ، فإن الثلاثة الأول في الفعل الواحد غير المتكرر.
أما الرابعة: فوافقنا عليها المعتزلة لحصول مصلحة الفعل بتلك المرات الواقعة في الأزمنة الماضية، ومنه نسخ القبلة وغيرها، ومنعوا قبل الوقت وقبل الشروع لعدم حصول المصلحة من الفعل، وترك المصلحة عندهم يمنعه قاعدة الحسن والقبح، والنقل في هاتين المسألتين في هذا الموضع قد نقله المصنف.
وأما بعد الشروع وقبل الكمال، فلم أر فيه نقلًا، ومقتضى مذهبنا جواز النسخ مطلقًا فيه وفي غيره، ومقتضى مذهب المعتزلة ما أنا ذاكره من التفصيل، لا المنع مطلقًا، ولا الجواز مطلقًا؛ فإن الفعل الواحد قد لا يحصّل مصلحته إلا باستيفاء أجزائه كذبح الحيوان، وإنقاذ الغريق؛ فإن مجرد قطع الجلد لا يحصل مقصود الذكاة من إخراج الفضلات، وزهوق الروح على وجه السهولة، وإيصال الغريق إلى قريب الشط، وتركه هنالك لا يحفظ عليه حياته، بل يموت بقرب الشط، كما يموت في لجة البحر،