للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فائدة)

اختلف الناس في النكرة في سياق النفي، هل عمت بذاتها، أو لنفي المشترك فيها؟

فرأيت الحنفية يقولون: إنما حصل العموم عندنا؛ لأن حرف النفي اقتضى نفي الماهية الكلية، ويلزم من نفي الأعم نفي الأخص؛ فحصلت السالبة الكلية بطريق الملزوم لنفي الكل، لا أن اللفظ الموضوع في اللغة للسالبة الكلية، وظاهر كلام غيرهم من الأصوليين: يقتضي أن اللفظ وضع للقضاء بالسلب على كل فرد من أفراد الكلية، وأن سلب الكل حصل بطريق اللزوم لنفي الكلية؛ كما قاله الحنفية؛ فإنه يلزم من نفي كل فرد، بحيث لا يبقى فرد نفي الأمر الكلي، ويلزم من نفي الكل صدق النفي في الكلية؛ فكل واحد منهما لازم للآخر؛ بقى أي الأمرين هو المقصود بالوضع؛ حتى يكون الآخر لازما له؟ هذا موضع التردد بين الحنفية وغيرهم.

والظاهر: أن اللفظ موضوع للسالبة الكلية، لا لسلب الكلي؛ لأنه المتبادر إلى الفهم في موارد الاستعمال، ويرد عليهم أن الاستثناء يدخل عليها؛ فعلى رأيهم: لا يكون من مسمى اللفظ؛ لأن الكلي لا يخرج منه فرد، فيكون مقطعا من لازم اللفظ، وعلى رأينا: يكون من الأفراد التي هي مدلول اللفظ، والأصل في الاستثناء أن يكون من نفس المدلول.

قوله: " لأن الإثبات الجزئي لا يناقضه السلب الجزئي ".

تقريره: أنه يرجع إلى ما تقدم في الفصل الثالث: أن النقيضين لا يجتمعان، ولا يرتفعان؛ فإن الكليتين يمكن ارتفاعهما؛ فيكونان ضدين لا نقيضين، والجزئيان يمكن صدقهما؛ فلا يكونان نقيضين، بل خلافين؛ فتعين التناقض بين الكلية والجزئية، وقد تقدم بسطه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>