بيان الحاجة إلى المفردات أن الإنسان لا يستقل بتكميل مهمات معيشته بدون الاستعانة بغيره، والاستعانة بالغير لا تتم إلا باطلاع الغير على حاجته، وقد عرفت أن ذلك لا يحصل إلا بالألفاظ المفردة.
وإنما قلنا: إن الحاجة إلى المشترك غير ضرورية؛ لأنهم إن احتاجوا إلى التعريف الإجمالي أمكنهم ذكر تلك المفردات مع لفظ الترديد، وحينئذ يحصل المطلوب في اللفظ المشترك.
وإذا ظهرت المقدمتان، ثبت رجحان المفرد على المشترك في الوجود وفي الذهن، وهو المطلوب، والله أعلم.
[المسالة السادسة: فيما يعين مراد اللافظ باللفظ المشترك]
اللفظ المشترك: إما أن توجد معه قرينة مخصصة، أو لا توجد.
فإن لم توجد، بقي مجملا؛ لما ثبت من امتناع حمله على الكل.
وإن وجدت القرينة، فتلك القرينة: إما أن تدل على حال كل واحد من مسميات اللفظ؛ إلغاء أو اعتبارا، أو على حال البعض؛ إلغاء أو اعتبارا، وإما على حال الكل من حيث هو كل؛ إلغاء أو اعتبارا؛ فهو مندرج تحت حال البعض؛ لأن اللفظ إذا كان مفيدا لكل واحد من تلك الأفراد، وللكل من حيث هو، كل كان الكل أحد الأمور المسماة به، فتكون القرينة الدالة عليه؛ إلغاء أو اعتبارا دالة على بعض ما اندرج تحت تلك اللفظة.
فأما القسم الأول وهو: ما يفيد اعتبار كل واحد من تلك المعاني، فتلك: المعاني إما أن تكون متنافية، أو لا تكون.