المفسدة التي ورد النهي لأجلها، ومن ترك الزنا في ساعة، وزنى في ساعة أخرى لا يصدق عليه أنه مجتنب للزنا في عرف الاستعمال، بل كل من يصدق عليه أنه غير مجتنب لمحرم من المحرمات لا بد أن يتركه في بعض الأوقات، ومع ذلك لا يصدق عليه أنه مجتنب، بل يقال: هو غير مجتنب للمحرمات، فعلمنا حينئذ أنه لا يصدق إلا مع الدوام، والدوام ليس مشتركا بين الدوام وعدم الدوام، وهو الجواب عن قوله:" لا دلالة في النهي إلا على مسمى الامتناع "؛ لأنا نقول: مسمى الامتناع لا يتحقق إلا مع الدوام، ثم صحة كلامه مبني على قاعدة وهي القضية المهملة يتوقف صدقها على صدق الجزئية، ولا يتوقف على صدق الكلية، فيصدق أن ماهية الإنسان اتصفت بالكتابة إذا اتصف زيد بالكتابة، وإن لم يعلم أن غيره كاتب مع، بل يكفي في صدق الامتناع صدق امتناع جزئي، لكن ما نحن فيه ليس كذلك، بل هو من باب طلب نفي الأعم الذي هو مستلزم لطلب نفي أنواعه وأشخاصه؛ لأن النهي هو طلب إعدام الماهية الكلية، فينتفي جميع افرادها.
فإن قلت: يصدق [عليه] أنه طالب عدمها باعتبار محل معين، أو محل غير معين.
قلت: ذلك ليس طلب عدمها، بل طلب عدم ما هو أخص منها - وهو الماهية - يفيد بعض المحال، والنهي إنما يتناول تصريحه الماهية من حيث هي هي، فيكون من باب طلب عدم الأعم المستلزم لعدم كل فرد من أفراده، لا من باب المهلة التي يكفي في صدقها جزء من جزئياتها.
(سؤال)
قال النقشواني: اختياره - هاهنا - يناقضه ما قرره أن الأمر لا يفيد التكرار؛ لأنه قال: النهي يفيد الانتهاء عن الفعل أبدا وهو نقيض الأمر، فيكون الأمر للمرة الواحدة.