الجمع المنكر يحمل عندنا على أقل الجمع، وهو الثلاثة؛ خلافا للجبائي؛ فإنه ق ال: يحمل على الاستغراق:
لنا: أن لفظ (رجال) يمكن نعته بأي جمع شئنا؛ فيقال: رجال ثلاثة، وأربعة، وخمسة؛ فمفهوم قولك:(رجال) يمكن جعله ورد التقسيم لهذه الأقسام.
والمورد للتقسيم بالأقسام يكون مغايرا لكل واحد من تلك الأقسام، وغير مستلزم لها؛ فاللفظ الدال على ذلك المورد، لا يكون له إشعار بتلك الأقسام؛ فلا يكون دالا عليها، وأما الثلاثة فهي مما لابد منها؛ فثبت أنها تفيد الثلاثة فقط.
احتج الجبائي: بأن حمله على الاستغراق حمل له على جميع حقائقه؛ وذلك اولى من حمله على بعض حقائقه.
والجواب: أن مسمى هذا الجمع الثلاثة من غير بيان عدم الزائد ووجوده، ولا شك أنه قدر مشترك بين الثلاثة فقط، وبين الأربعة، وما فوقها، وقد بينا أن اللفظ الدال على ما به الاشتراك بين أنواع لا دلالة فيه ألبتة على شيء من تلك الأنواع؛ فضلا عن أن يكون حقيقة فيها؛ فبطل قوله: إن حمل هذا اللفظ على الاستغراق يقتضي حمله على جميع حقائقه، والله أعلم.