السادس عشر: قوله: ((الجازم غير المطابق وهو الجهل)) هذا الحد غير جامع لخروج الجهل البسيط، لأن تقدير الكلام ((الجهل يكون عبارة عن الحكم الذي يكون جازما غير مطابق))، والجهل البسيط ليس فيه حكم ولا جزم، فيخرج من الحد، هذا إن نفينا اللفظ على ظاهره في قوله: هوا لجهل، وإن زدتنا لفظا آخر نجعله مضمرا، تقديره:((هو الجهل المركب)) صح الحد وسلم من سؤال عدم الجمع، غير أنه يزلم فيه سؤال آخر، وهو أ، هـ أطلق العام لإرادة الخاص أو التزم الإضمار، وكلاهما تأباه الحدود، بل كان الواجب أن يقول: فهو الجهل المركب، والفرق بين الجهل البسيط والمركب أن البسيط جهل يعلمه صاحبه ويقول: أنا جاله نحو قولك لزيك: أتعلم عدد شعر رأسك وأنت جاهل به؟ فيقول: أنا جاهل، فقد علم جهله، فلم يتركب جهله من جهلين، والكافر جهل الحق في نفس الأمر، وإذا قيل لأنت جاهل. يقول: لا بل عالم، فقد جهل وجهل جهله فتركب جهله من جهلين فسمى مركبا.
وقد جمع المتنبى في بيت وصف رجل بجهل مركب بثلاث جهالات فقال [الطويل]:
ومن جاهل بى وهو يجهل جهله ... ويجهل علمى أنه بىَ جاهل