قال جمهور المعتزلة، وكثير من الفقهاء: إنه لم يكن متعبدا بشرع أحد.
وقال قوم من الفقهاء: بل كان متعبدا بذلك، إلا ما استثناه الدليل الناسخ، ثم اختلفوا، فقال قوم: كان متعبدا بشرع إبراهيم، وقيل: بشرع موسى، وقيل: بشرع عيسى.
واعلم أن من قال: غنه كان متعبدا بشرع من قبله: إما أن يريد به أن الله تعالى كان يوحى إليه بمثل تلك الأحكام التي أمر بها من قبله، أو يريد: أن الله تعالى أمره باقتباس الأحكام من كتبهم.
فإن قالوا بالأول: فإما أن يقولوا به في كل شرعه، أو في بعضه والأول معلوم البطلان بالضرورة؛ لأن شرعنا يخالف شرع من قبلنا في كثير من الأمور.
والثاني مسلم، ولكن ذلك لا يقتضي إطلاق القول بأنه كان متعبدا بشرع غيره؛ لأن ذلك يوهم التبعية، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان تبعا لغيره، بل كان أصلا في شرعه.
وأما الاحتمال الثاني، وهو: حقيقة المسألة: فيدل على بطلانة وجوه:
الأول: لو كان متعبدا بشرع أحد لوجب أن يرجع في أحكام الحوادث إلى شرعه، ألا يتوقف إلى نزول الوحي، لكنه لم يفعل ذلك لوجهين: