قال الرازي: أن يكون الراوي بحيث لا يقع له الكذب والخطأ؛ وذلك يستدعى حصول أمرين: أحدهما: أن يكون ضابطًا.
والآخر: ألا يكون سهوه أكثر من ذكره، ولا مساويًا له.
أما ضبطه: فلأنه إذا عرف بقلة الضبط، لم تؤمن الزيادة والنقصان في حديثه، ثم هذا على قسمين:
أحدهما: أن يكون مختل الطبع جدًا، غير قادر على الحفظ أصلًا، ومثل هذا الإنسان لا يقبل خبره البتة.
والثاني: أن يقدر على ضبط قصار الأحاديث، دون طوالها، وهذا الإنسان يقبل منه ما عرف كونه قادرًا على ضبطه، دون ما لا يكون قادرًا عليه.
أما إذا كان السهو غالبًا عليه ما لم يقبل حديثه؛ لأنه يترجح أنه سها في حديثه، وأما إذا استوى الذكر والسهو، لم يترجح أنه ما سها، والفرق بين ألا يكون ضابطًا، وبين أن يعرض له السهو، أن من لا يضبط لا يحصل الحديث حال سماعه، ومن يعرض له السهو قد يضبط الحديث حال سماعه وتحصيله، إلا أنه قد يشذ عنه بعارض السهو.
فإن قلت:(لم لا يجوز أن يقبل حديثه؟ لأنه لو لم يكن ضبطه، أو ضبطه، ثم سها عنه، لم يروه مع عدالته):
قلت: عدالته تمنع من الكذب والخطأ عمدًا، لا سهوًا، فجاز أن يتصور مع