عدالته فيما لم يضبطه: أنه ضبطه، وانه لم يسه فيما سها عنه؛ فوجب ألا يقبل حديثه.
الفصل الثاني
(في الأمور التي يجب ثبوتها؛ حتى يحل للراوي أن يروي الخبر).
اعلم أن لذلك مراتب:
فأعلاها: أن يعلم أنه قرأه على شيخه، أو حدثه به، ويتذكر ألفاظ قراءته، ووقت ذلك- فلا شبهة في أنه يجوز له روايته، والأخذ به.
وثانيها: أن يعلم انه قرأ جميع ما في الكتاب، أو حدثه به، ولا يتذكر ألفاظ قراءته، ولا وقت ذلك- فيجوز له روايته؛ لأنه عالم في الحال: أنه سمعه.
وثالثهما: أن يعلم أنه لم يسمع ذلك الكتاب، ولا يظن أيضًا أنه سمعه، أو يجوز الأمرين تجويزًا على السوية- فلا تجوز له روايته؛ لأنه لا يجوز له أن يخبر بما يعلم أنه كاذب فيه، أو ظان، أو شاك فيه.
ورابعها: ألا يتذكر سماعه، ولا قراءته لما فيه لكنه يظن ذلك، لما يرى منه خطه.
وهاهنا اختلفوا فيه: فعند الشافعي- رضي الله عنه- تجوز له روايته، وهو قول أبي يوسف ومحمد- رحمهما الله-.
وقال أبو حنيفة- رحمه الله-: لا تجوز.
لنا الإجماع، والمعقول:
أما الإجماع: فهو أن الصحابة- رضي الله عنهم- كانت تعمل على كتب