إلا ما نسخ أو درس، وهذا لم ينقله المصنف مع أنه هو غالب أحوال الفقهاء في البحث، إذا قالوا: شرع من قبلنا شرع لنا لا يعنون نبيا معينا.
قال القاضي: ومذهب المالكية: أن جميع شرائع الأمم شرع لنا، غلا ما نسخ، ولا فرق بين موسى وغيره.
وقال ابن برهان: قيل: كان متعبدا قبل النبوة بشرع آدم عليه السلام؛ لأنه أول الشرائع.
وقيل: كان على دين نوح عليه السلام.
(قاعدة)
الشرائع المتقدمة ثلاثة أقسام:
قسم لم نعلمه إلا من كتبهم، ونقل أخبارهم الكفار، فلا خلاف أن التكليف لا يقع به علينا، ولا في حق رسوال الله صلى الله عليه وسلم لعدم الصحة في النقل، كما نقل في التوراة في تحريم لحم الجدي بلبن أمه يشير إلى المضيرة التي يطبخها أهل الزمان.
وقسم انعقد الإجماع على التكليف به، وهو ما علمنا شرعنا أنه كان شرعا لهم، وأمرنا في شرعنا بمثله؛ كقوله تعالى:{وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}[المائدة: ٤٥]. وقال تعالى لنا:{كتب عليكم القصاص في القتلى}[البقرة: ١٧٨].
وقسم ثبت أنه من شرعهم بنقل شريعتنا، ولم نؤمر به، فهذا هو موضوع الخلاف؛ كقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام أنه قال لموسى عليه السلام:{إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين}[القصص: ٢٧] فصرح بالإجارة، فهل نستند نحن بهذا على جواز الإجارة في شرعنا؛ فإن جوازها مختلف فيه بين العلماء.