وكذلك قوله تعالى؛ حكاية عن قصة يوسف قول المنادى:{وأنا به زعيم}[يوسف: ٧٢] هل نستدل به نحن على جواز الكفالة، هذا القسم هو موطن الخلاف، والقسمان الأولان مجمع عليهما، فلموطن الخلاف شرطان: ثبوته في شرعنا، وعدم ورود شرعنا باقتضائه منا، فمتى انخرم أحد الشرطين، انتفى الخلاف إجماعا، على النفي، أو على الثبوت.
وكذلك لما فهرس سيف الدين هذه المسألة، قال: هل كان متعبدا بما صح من شرائع من قبله بطريق الوحي إليه؛ لأنه من جهة كتبهم المبدلة، ونقل أربابها، ثم الخلاف إنما هو في القواعد، وإلا فأهل زمانه عليه السلام قبل النبوة، كانوا متعبدين بالإيمان؛ لأنهم كانوا يعذبون على كفرهم، وهو فرع لتكليفهم بشرع من قبلهم، فهو عليه السلام كذلك، فتفسيره ما قبل النبوة وبعدها مشكل، ويبطل بهذا ما يستدل به؛ لأنه ليس في محل النزاع من قوله تعالى:{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا}[الشورى: ١٣] ونحوه.
قوله:" إن أرادوا بالخلاف أن الله تعالى أمره باقتباس الأحكام من كتبهم، فهذا هو حقيقة المسألة ".
قلنا: كيف يتصور أن يكون هذا حقيقة المسألة، ونحن مجمعون على أن المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق لا يعلم عدالة راويه؛ أنه يحرم اتباعه، فكيف بالمنقول عن الأنبياء السالفة يقبل فيها قول الكفار الذين لم يرووا عن أسلافهم، ولا يعرفون الرواية في دينهم، بل الرواية واتصال الأسانيد من خصائص الإسلام، وغيرنا من الملليتعذر عليه ذلك؛ لكثرة الخبط، والتخليط، والتبديل، واختلاف الأهواء، فقبول مثل هذه الكتب، وهذه النقول خلاف