إذا ثبت هذا، وجب القطع بكونه حجة؛ للمعقول والمنقول:
أما المعقول: فلأنا إذا قطعنا بأن المصلحة الغالبة على المفسدة - معتبرة قطعًا عند الشرع، ثم غلب على ظننا أن هذا الحكم مصلحته غالبة على مفسدته - تولد من هاتين المقدميتن ظن أن هذه المصلحة معتبرة شرعًا؛ والعمل بالظن واجب، لقوله - عليه الصلاة والسلام-: (أقضى بالظاهر). ولما ذكرنا أن ترجح الراجح على المرجوح من مقتضيات العقول؛ وهذا يقتضي القطع بكونه حجة.
وأما المنقول: فالنص، والإجماع.
أما النص: فقوله تعالى:} فاعتبروا {أمر بالمجاوزة، والاستدلال بكونه مصلحة على كونه مشروعًا مجاوزة؛ فوجب دخوله تحت النص.
وأما الإجماع: فهو أن من تتبع أحوال مباحثات الصحابة، علم قطعًا أن هذه الشرائط التي يعتبرها فقهاء الزمان في تحرير الأقيسة، والشرائط المعتبرة في العلة، والأصل، والفرع - ما كانوا يلتفتون إليها؛ بل كانوا يراعون المصالح؛ لعلمهم بأن المقصد من الشرائع رعاية المصالح؛ فدل مجموع ما ذكرنا على جواز التمسك بالمصالح المرسلة.
المسألة التاسعة
في المصالح المرسلة
قال القرافي: قوله: (ومن المصالح ما شهد الشرع ببطلانه مثاله: إفتاء