قال الرازي: اختلفوا في نسخ الشيء قبل مضي وقت فعله.
مثاله: إذا قال الله تعالى لنا صبيحة يومنا: (صلوا عند غروب الشمس ركعتين بطهارة) ثم قال عند الظهر: (لا تصلوا عند غروب الشمس ركعتين بطهارة) فهذا عندنا جائز، خلافًا للمعتزلة، وكثير من الفقهاء.
لنا: أن الله تعالى أمر إبراهيم - عليه السلام - بذبح ولده إسماعيل، عليهما السلام ثم نسخ ذلك قبل وقت الذبح.
فإن قيل: لا نسلم أن إبراهيم عليه السلام كان مأمورًا بالذبح، بل لعله كان مأمورًا بمقدمات الذبح من الإضجاع، وأخذ المدية، مع الظن الغالب بكونه مأمورًا بالذبح؛ ولهذا قال:{قد صدقت الرؤيا}] الصافات: ١٠٥ [، ولو كان قد فعل بعض ما أمر به، لكان قد صدق بعض الرؤيا.
فإن قلت: الدليل عليه ثلاثة أوجه:
أحدها: قوله تعالى: {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر}] الصافات: ١٠٢ [، لا بد وأن يكون عائدًا إلى شيء، والمذكور هاهنا قوله:{أني أذبحك} فوجب صرفه إليه.
وثانيها: قوله تعالى: {إن هذا لهو البلاء المبين}] الصافات: ١٠٦ [، ومقدمات الذبح لا توصف بأنها بلاء مبين.