وثالثها: قوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم}] الصافات: ١٠٧ [، ولو لم يكن مأمورًا بالذبح، لما احتاج إلى الفداء.
قلت: الجواب عن الأول: أن الرؤيا لا تدل على كونه مأمورًا بذلك، وأما قوله:{افعل ما تؤمر} فإنما يفيد الأمر في المستقبل، فلا ينصرف إلى ما مضى من رؤياه في المنام.
وعن الثاني: أن إضجاع الابن، وأخذ المدية مع غلبة الظن أنه مأمور بالذبح بلاء مبين.
وعن الثالث: أنه إنما فدى بالذبح بسبب ما كان يتوقعه من الأمر بالذبح، سلمنا أنه أمر بالذبح، لكن لا نسلم أنه نسخ ذلك، وبيانه من وجهين:
الأول: أنه كلما قطع موضعًا من الحلق، وتعداه على غيره وصل الله تعالى ما تقدم قطعه.
فإن قلت: حقيقة الذبح قطع مكان مخصوص تبطل معه الحياة، قلت: بطلان الحياة ليس جزءًا من مسمى الذبح؛ لأنه يقال: قد ذبح هذا الحيوان، وإن لم يمت بعد.
الثاني: قيل: إنه أمر بالذبح، وإن الله تعالى جعل على عنقه صفيحة من حديد، فكان إذا أمرّ إبراهيم عليه السلام السكين، لم يقطع شيئًا من الحلق.
سلمنا سلامة دليلكم؛ لكنه معارض بدليل آخر، وهو: أن ذلك يقتضي كون الشخص الواحد مأمورًا منهيًا عن فعل واحد، في وقت واحد، على وجه واحد، وذلك محال، فالمؤدى إليه محال.