أحدها: أن المسألة مفروضة في هذا الموضع، فإنه لما أمر بكرة بركعتين من الصلاة عند غروب الشمس، ثم نهي وقت الظهر عن ركعتين من الصلاة عند غروب الشمس فقد تعلق الأمر والنهي بشيء واحد، في وقت واحد، من وجه واحد؛ حتى لو لم يتحقق شرط من هذه الشرائط، لم تكن هي المسألة التي تنازعنا فيها.
وثانيها: أن قوله: (صلوا عند غيبوبة الشمس) غير موضوع إلا للأمر بالصلاة في ذلك الوقت لغة وشرعا، وقوله:(لا تصلوا عند غيبوبة الشمس) غير موضوع إلا للنهي عن الصاة في ذلك الوقت لغة وشرعًا.
وثالثها: هو أن النهي لو تعلق بغير ما تعلق به الأمر، لكان لا يخلو: إما أن يكون المنهي عنه أمرًا، يلزم من الانتهاء عنه وقوع الخلل في متعلق الأمر، أو لا يلزم ذلك:
فإن كان الأول: كان المتأخر رافعًا المتقدم استلزامًا، فيلزم توارد الأمر والنهي على شيء واحد، في وقت واحد، من وجه واحد، وإن كان الثاني: لم يكن ذلك هي المسألة التي تنازعنا فيها؛ لأنا توافقنا على أن الأمر بالشيء لا يمنع من النهي عن شيء آخر لا يلزم من الانتهاء عنه الإخلال بذلك المأمور.
بيان أن ذلك محال: أن ذلك الفعل في ذلك الوقت لا بد وأن يكون: إما حسنًا وإما قبيحًا، وكيفما كان. فإما أن يقال: المكلف ما كان عالمًا بحاله، ثم بدا له ذلك؛ فلذلك اختلف الأمر والنهي، وذلك محال؛ لاستحال البداء على الله تعالى.