للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلك السابع

قال القرافي: قوله: (القياس يفيد ظن الضرر، فيجب العمل به .....) إلى آخره.

قلنا: سلمنا أنه يفيد ظن الضرر، لكن لم قلت: إن ظن الضرر معتبر؟

وبيانه: أن العمل بالشاهد الواحد يفيد ظن الضرر، وكذلك النساء منفردات في أحكام الأموال والدماء، وجماعة الكفار والفساق والصبيان، مع وجود هذا الظن، وهو ملغي، فعلمنا أن الشرع لم يعتبر مطلق الظن كيف كان، بل لابد من دليل شرعي يدل على النوع المراد لصاحب الشرع، وأما هذه المقدمة بمفردها، فغير مفيدة.

وأما قوله: (الجمع بين النقيضين ورفعهما محال، وترجيح المرجوح على الراجح مدفوع ببديهية العقل) فلا يتجه؛ لأن الفرق حاصل بين ارتفاع النقيضين وبين عدم الحكم بارتفاع النقيضين، فقد يجهل الواقع منهما أو يشك فيه، وكذلك الحكم في صورة النزاع، فإنا لا نحكم بالراجح ولا بالمرجوح؛ لأنا نقضي بارتفاع الراجح والمرجوح، ولا محال حينئذ.

قوله: (لو قال: (أعتقت غانمًا لسواده، فقيسوا عليه) لم يعتق سائر عبيده السود):

قلنا: ما سبب ذلك إلا أن العتق حكم شرعي، والقاعدة أن حكم كل أحد يتبع علته التي هي معتمدة في ذلك الحكم، وهذه العلة لم ينصبها صاحب الشرع، فلا تكون علة له، ولم نقل: كل ما جعله المكلف علة كان علة شرعية، فالعتق حكم شرعي، فلا يتبع إلا ما نصبه الشرع علة، فلو قال المكلف: قد جعلت الخروج من المنزل سبب الطلاق، أو الشتم سبب وجوب الصدقة على، وغير ذلك لم يصر شيء من ذلك علة شرعية؛ لعدم جعل الشارع لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>