فالأول: مثل ما إذا سمى معنى عام باسم، وسمى معنى خاص تحته بذلك الاسم، فوقوع الاسم عليهما، والحالة هذه، يكون بالاشتراك؛ مثل الممكن، إذا قيل لغير الممتنع، وقيل لغير الضروري؛ فإن غير الممتنع أعم من غير الضروري؛ فإذا قيل الممكن عليهما، فهو بالاشتراك.
وأيضا فقوله:(على الخاص وحده) قول بالاشتراك أيضا بالنظر إلى ما فيه من المفهومين المختلفين.
وأما إن لم يكن أحدهما جزءا من الآخر، فلا بد وأن يكون أحدهما صفة للآخر؛ وهو كما إذا سمى شخص أسود اللون بالأسود، فإن قول الأسود عليه؛ من حيث إنه لقب، ومن حيث إنه مشتق بالاشتراك، ثم إذا نسيت ذلك الشخص إلى القار، فإن اعتبرت لونه، كان الأسود مقولا عليه، وعلى القار بالتواطؤ، وإن اعتبرت اسمه، كان الأسود مقولا عليه، وعلى القار بالاشتراك.
دقيقة: لا يجوز أن يكون اللفظ مشتركا بين عدم الشيء وثبوته؛ لأن اللفظ لابد وأن يكون بحال متى أطلق أفاد شيئا، وإلا كان عبثا؛ والمشترك بين النفي والإثبات لا يفيد إلا التردد بين النفي والإثبات، وهذا معلوم لكل أحد.
[المسألة الثالثة: في سبب وقوع الاشتراك]
السبب الأكثري هو: أن تضع كل واحدة من القبيلتين تلك اللفظة لمسمى آخر، ثم يشتهر الوضعان، فيحصل الاشتراك.
والأقلى هو: أن يضعه واضع واحد لمعنيين، ليكون المتكلم متمكنا من التكلم بالمجمل؛ وقد سبق في الفصل السالف: أن المتكلم بالكلام المجمل من مقاصد العقلاء ومصالحهم.