وقد تعين وبرز للوجود بالنسبة لكل أحد إن أجمع عليه، أو بالنسبة لذلك المجتهد، ومن قلده، وترك السؤال مع المكنة يوجب الشك في الوجوب، لأن الحكم لو كان هو الوجوب تعين الوجوب في حقه بسبب المكنة، فهو يجوز أن يكون الواقع الوجوب، وقد تعين الوجوب في حقه بسبب المكنة، وأن يكون الواقع الإباحىة فيكون هذا فعل شك في وجوبه وليس واجبا، لأنه الواقع في نفس الأمر الإباحة إما مجمعا عليها، أو مذهبا لإمامه.
ويتصور في المجتهد إذا أقدم على الفعل قبل بذل جهده في طلب الحكم، ويكون الواقع في نفس الأمر للإباحة مجمع عليها، أما المختلف فيها فلا أثر لها هاهنا، لانه لا يتعين في حقه مذهب القائل بها لامتناع التقليد عليه بخلاف المقلد، فإذا كانت الإباحة مجمعا عليها، جوز أن يكون الدليل يقتضي الوجوب إذا اجتهد ونظر، أو أنه يطلع على وجوب مجمع عليه إذا اجتهد فشك في وجوب الفعل، مع أنه ليس واجبا في حقه لتعميم الإباحة في حق الأمة بسبب أنها مجمع عليها، فهاتان صورتان لهذه المسألة، وما عداهما يعسر تصويرها فيه.
الثاني: على قوله: ((يذم تاركه شرعا))، فقوله:((شرعا)) منصوب على التمييز، فيفيد أنه ذم منسوب للشرع، والنسبة تصدق بأي طريق كان منسوبا إلى الشرع.
قال السهروردي في ((التنقيحات)): إما أن يكون الذام صاحب الشرع، أو الشرع أو جملته، والكل باطل.